بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

         الماء قوام الوجود وأساس الحضارة. بتوافره تزدهر الحياة ويتألق الكون ويسعد الإنسان وسائر الكائنات ؛ وبندرته تكفهر الأجواء وتنشأ الصراعات وتندلع الحروب التي تكون فيها الغلبة للمتحكمين في موارده ومصادره، القادرين على توفيره لأنفسهم والضغط على خصومهم.

 

         هكذا كان الأمر على امتداد العصور والأزمان، وكذلك هو في المرحلة المعاصرة، إن لم يكن اليوم أدهى وأخطر، منذرا بمستقبل سيكون فيه الماء سبب نزاعات كبرى، وطنية وإقليمية ودولية ؛ لا سيما والتغيرات المناخية وما يترتب عليها من تقلص في التساقطات المطرية وفي مختلف منابعه، تزيد مشكلته حدة وتضخما ؛ إضافة إلى ما ينتج عن ارتفاع مستوى العيش من مضاعفة الاستهلاك، بشيء من الإسراف يبلغ حد السفه، في غير وعي بالأخطار الناجمة عن ذلك.

 

         وإذا كان الماء – بهذا وغيره – يكتسي أهمية بالغة، فإن الحاجة ماسة إلى التوعية بهذه الأهمية على مستوى الأفراد والمجتمعات،  بما يفضي إلى استيعابها وبلورتها في ترشيد الاستعمال.

 

         وليس أجدى في هذه التوعية من إبراز المكانة التي أولاها الإسلام للماء، عبر منظور متكامل هو الذي يسعى هذا الكتيب إلى تقديمه. وكنت قد قدمته – عرضا – إلى الملتقى الدولي الذي نظمته بالرباط، يومي 23 و24 جمادى الأولى 1416هـ الموافقين 19 و20 أكتوبر 1995م، ودادية مهندسي القناطر والطرق المغاربة، بتعاون مع الجمعية المغربية لموارد الماء، في موضوع: "الماء: تدبيره عند ندرته – EAU : Gestion de la raretι".

 

         وقد تم نشر أعمال هذا الملتقى في كتاب من جزءين، وكان من بينها عرض الكاتب في نصه العربي مع ترجمته إلى الفرنسية.

 

         ونظرا لما لمشكل الماء في بعده الديني الرامي إلى التوعية بأهميته وضرورة ترشيد استهلاكهŒ، ونظرا كذلك إلى أن كتاب الملتقى غير ميسر لعموم القراء، بحكم الطابع التقني المتخصص الغالب على مباحثه القيمة، فقد ارتأيت أن أستل العرض المذكور – أصلا وترجمة – أفرده بالطبع في هذا السفر الصغير، لعله أن يكون مفيدا في بابه ويحقق الهدف منه.

 

         وبالله العون والتوفيق.

 

الرباط في يوم الجمعة 5 رمضان 1421هـ                                    عباس الجراري

الموافق فاتح دجنبر 2000م

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

______________________________________

Œ للكاتب عرض عن "ثقافة ترشيد استعمال الماء في الإسلام" شارك به في الدورة التي عقدتها أكاديمية المملكة المغربية            في الرباط أيام 23-24-25 شعبان 1421هـ الموافقة 20-21-22 نونبر 2000م في موضوع "السياسة المائية والأمن الغذائي في بداية القرن الحادي والعشرين".

    انظر العرض منشورا عند المؤلف في كتابه "قضايا للتأمل برؤية إسلامية".